سيرة شخصية: علي حاج سليمان

في لقائنا هذا, تحدثنا مع المصور الصحفي السوري الحائز على عدة جوائز, حيث أخبرنا عن مسيرته المهنية ، وأحداث طفولته التي ألهمته التقاط كاميرته وتصوير واقع الحياة اليومي في سوريا التي أنهكتها الحرب.

نرى الأم الجبارة في وسط الصورة تمسك أيدي أطفالها وهم يمشون في المخيم. وهذا رجل, يشعل عود ثقاب ليجلب بعض الدفء في الشتاء القارس لطفليه اللذان يعانقان بعضهما بشدة. وهنا فتاة صغيرة خلال الدرس تنقل عينيها للأعلى والأسفل بين السبورة وقلمها الرصاص وهي تكتب في دفترها الصغير.

إذا كان باستطاعة الصورة أن تروي الحكاية بشكل أفضل من الكلمات ، فإن علي الحاج سليمان هو أحد أصغر الحاصلين على جائزة الشعر الواقعي في الشرق الأوسط. التقينا علي الحاج سليمان لأول مرة عام 2020 ، خلال تنفيذ مشروع ضخم ضمّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومؤسسة مرام وجمعية عطاء للإغاثة ومؤسسة وطن ، حيث تم تسليم 6000 مأوى من RHU إلى مخيمات في منطقتي حارم ومعرة النعمان في محافظة إدلب شمال غرب سوريا. قدّم لنا علي نظرة قريبة لم نرها قبل عن المجتمعات المحلية في المخيمات والتي تعيش على الأساسيات فقط , لكن لازال لديهم القدرة والإصرار على تقرير مستقبل أفضل مفعم بالأمل خاصة للأطفال.

في عام 2012 ، مع دخول الثورة السورية عامها الثاني وتوسع نطاقها  لتشمل جميع المحافظات السورية, تصاعدت وتيرة العنف ضد المدنيين حينها بدأت مظاهر النزاع المسلح بالازدياد ، ما أثر على حياة جميع السوريين ، وخاصة أولئك الذين يعيشون في العاصمة دمشق. حدثنا علي عن حلمه المنشود الذي تغير رغماً عنه ، لكنه لم يتوان يوما عن تأدية واجبه في خدمة الناس الضعفاء الذين يعانون في سوريا.

أكثر موقف أحزنني, عندما التقطت صورة رجل يودع ابنته الوحيدة التي قُتلت على يد قوات النظام السوري في بلدة بريف إدلب الجنوبي

علي حاج سليمان

 قصة علي قصة مأساة وصمود, ظلم والتزام. تجسد صورعلي ثقل وحجم ألم العائلات التي تناضل للحفاظ على تماسكها – كون عائلته عاشت تجارب مماثلة. في عام 2013، اعتقلت القوات المسلحة التابعة لنظام الأسد والده ، ما اضطر أسرته للعودة إلى إدلب مسقط رأس والده. في ذلك الوقت ، توقف عن دراسته من أجل إعالة أسرته. وفي غضون عام ، كان علي قد كونّ مسيرته المهنية في التصوير الفوتوغرافي. حيث كشف علي عن حصيلة انجازاته والتحديات الكثيرة التي واجهها خلال حياته المهنية هذه:

الإنجاز الأكبر بالنسبة لي هو تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين الذين يقتلون الناس ، وأكثر التحديات التي واجهتها ولا زلت أواجهها هي تغطية القصف. حينها يتملكنا خوف استهداف المكان مرة أخرى وعدم العودة إلى عائلاتنا

علي حاج سليمان

تزامن دخول علي مهنة التصوير الفوتوغرافي مع الفترة الأكثر خراباً في الشرق الأوسط. في عام 2022 ، دخلت الأزمة في سوريا عقدها الثاني ، معززة ترتيبها كأسوأ أزمة لاجئين في العالم. حيث أجبر 6.6 مليون سوري على الفرار من البلاد منذ عام 2011. وهناك 6.7 مليون سوري  نازح داخليًا. وبلغ عدد الأفراد المحتاجين  إلى مساعدات إنسانية 13.4 مليون شخص. اليوم ، لا يوجد طريقة واضحة للحد من هذه الأزمة. بينما أشارت تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لوجود مخاوف من تصاعد العنف في المنطقة ؛ كما أن تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، المسيّس بشدّة ، حول تمديد قرار عبور المساعدات المنقذة للحياة عبر الحدود بين شمال غرب سوريا وتركيا ، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

إن عمل علي المتمثل بتسليط الضوء على الحياة اليومية لملايين السوريين ، ونقل واقعهم بالتركيز على الحالة الإنسانية لهذه الاعداد الضخمة ، يعرض حياته لخطر محدق. لكنه لم يكن يوما عائقا يوقفه عن العمل، فهو يتبع استراتيجيات واضحة للحفاظ على سلامته:

أقوم بالتصويرلمواقع إخبارية ومنظمات إنسانية ، كما اعمل على تغطية جميع المناطق التي يمكنني الوصول إليها. أولاً أسأل عن حالة الطريق وما هي الصعوبات التي يمكت تعترضني أثناء السفر. أما عند تغطية القصف, نحن نتابع المراصد عبر محطة إذاعية منتشرة في شمال غرب سوريا للتأكد من عدم وجود قصف وأن الطريق آمن.

علي حاج سليمان

لكن سلامة الجسد ليست سوى جانب واحد من صحة الإنسان. حيث أن التقاط صور العائلات ، غالبًا في أكثر اللحظات حزنًا ، يؤثر بنهاية المطاف على الصحة النفسية والعاطفية. دائماً ما يشعرعلي بالحزن أثناء تصوير الناس، لكن وبكل ما يمليه عليه قلبه ، يتمالك مشاعره أمامهم:

أحاول جاهداً عدم إظهار حزني للشخص المتضرر حتى لا تتفاقم حالته النفسية

علي حاج سليمان

إن التوجه السائد, في كثير من الأحيان ، يضع الأزمة السورية التي طال أمدها طي النسيان ، هذه الأزمة التي جعلت الكثيرين يعيشون المعاناة في صمت. حيث أفادت دراسة حديثة أجراها مركز التحليل والبحوث التشغيلية (COAR) بتمويل من الاتحاد الأوروبي ، أن التمويل لدعم سوريا يشهد حالة ركود. كما أن الساحة الدولية للعمل الإنساني أصبحت متزاحمة ومشوشة في عام 2022 ، حيث حظيت أوكرانيا وأفغانستان بأكبر قدر من الاهتمام الدولي. لكن علي لا يريد أن ينسى الناس خارج سوريا حجم المعاناة في بلاده:

.أريدهم أن يتابعوا الأخبار ويروا ما يحدث للمدنيين بسبب قوات النظام السوري

علي حاج سليمان

يمكنكم إلقاء نظرة أقرب على أعمال علي من خلال روابط مواقع التواصل الاجتماعي التالية: